القدوة في حياة المراهق
المراهق يمر بمراحل كثيرة من النمو النفسي التي تساعده على تحقيق ذاته وبناء شخصيته. وفترة المراهقة ليست قصيرة كما نتصور، إنما هي فترة طويلة حيث تبدأ من العاشرة وتنتهي في سن العشرين ويسعى المراهق إلى تأكيد ذاته من خلال تحديد أهدافه في الحياة والسعي إلى تنمية علاقاته الاجتماعية واختيار مجالات الدراسة المناسبة لميوله وإثبات استقلاليته وقدراته على اتخاذ القرارات المؤثرة في حياته. وفي هذه المرحلة يبحث المراهق عن المثل الأعلى الذي يمثل القدوة التي يرى فيها نفسه في المستقبل ويحقق من خلالها إشباع طموحاته فتساعده على التغلب على المشكلات التي تمر به والأزمات التي تلحق به. وأهم من ذلك أنه يحقق الطمأنينة لذاته من خلال توحده مع سلوكيات وأخلاقيات وشخصية وأسلوب حياة هذا الإنسان القدوة فوجود القدوة من أهم العوامل التي تساعد على النمو النفسي السليم ومن خطوط الدفاع الأولى للمراهق كي
لا ينزلق في مالا تحمد عقباه.
ترى ما هي القدوة وأين هي من تفكير المراهق؟
القدوة هي الشخص الذي يبهر المراهق فيتوحد معه وير فيه كل ما يشتاق إليه ويسعى إلى تحقيقه فيتمنى أن ينهج نهجه ويسلك سلوكه لذا فهو يراقبه بدقة والقدوة في الغالب تكون في الأب أو المدرس أو الأستاذ الجامعي وإذا لم يجد لنفسه من هؤلاء القدوة الحسنة يحاول البحث عنها في شخصيات عامة كفنان مشهور أو لاعب كرة أو كاتب أو حتى في صديق في مثل عمره .. وهنا يكمن الخطر ..
فلماذا يفقد الأب أو الأستاذ .. في بعض الأحيان رونقه كقدوة أو مثل أعلى؟
والإجابة هنا ترجع لعدة أسباب منها :
أولاً : التباين بين صورة القدوة التي يبحث عنها المراهق والصورة الفعلية للمحيطين، فمثلاً إذا كان الأب يدخن وينصح الابن بعدم التدخين، هنا فقد الأب مصداقيته وأخل في بند من بنود القدوة.
ثانيا : تطور العالم المحيط بالمراهق خصوصاً بعد ظهور الفضائيات والإنترنت والكمبيوتر، وهو هنا يبحث عن القدوة التي تلم بهذا وتزيد من معلوماته وتضيف جديداً على خبراته، أي من يتكلم لغة العصر ويساير التقنيات الحديثة.
ثالثاً : البعد عن المراهق وقلة ساعات الحوار معه وعدم التباسط حفاظاً على هيبة وصورة واحترام الكبار.
رابعا : عدم اهتمام من يتوقع اتخاذهم قدوة أن يكونوا على مستوى المسئولية مثل الكذب أو عدم المحافظة على المواعيد، وتبرير ذلك بأسباب واهية.
خامساً : العمل على إيجاد التوازن بين العلاقات المادية والعلاقات الإنسانية، فحين يرى المراهق القدوة وهو يضحي بكرامته وصحته لزيادة الكسب المادي فهو بذلك يخلخل كيان المراهق ويقلب موازينه النفسية.
نصائح لكل اب و كل أم
1- الاهتمام بمن هم في مستوى القدوة عن طريق عمل دورات تدريبية وورش عمل لتصحيح السلوكيات التي تؤثر في صورته كقدوة.
2- على القدوة تطوير نفسها كي تلائم الصورة المطلوبة لها والتي توافق اهتمامات المراهق إلى جانب الالتزام الديني والقدرة على مجابهة الشدائد.
3- علينا جميعاً نحن الكبار العمل على أن نكون قدوة لأبنائنا، فالقدرة من أهم خطوط الدفاع التي تحمي المراهقين من الاضطرابات السلوكية والصحية وتزيد من قدراته التكييفية مع مشاكله اليومية فتزيد بالتالي ثقته بنفسه وتجعل منه شابا ناضجا طموحا وإنسانا ملتزما يمكن أن يكون هو نفسه قدوة حسنة فيما بعد.
ويجب ألا نغفل أن المراهق يمر خلال فترة المراهقة بمجموعة من المواقف المشبعة بأحاسيس قد تلعب فيها الغريزة دوراً هاماً وأساسيا .. الأمر الذي يتطلب البحث عن بدائل مناسبة لملء أوقاتهم بأنشطة مناسبة, ربما يكون الكفيف هو أولى المراهقين بتوفير هذه الأنشطة.