وهم الحب

 وهم الحب

أنا فتاة في الثالثة والثلاثين من العمر على قدر كبير من الجمال وأعمل في عمل راقٍ يدر عليّ دخلاً شهرياً عالياً جداً يتيمة الأب ولي ثلاث أشقاء وأمي تعمل موظفة بالتربية والتعليم ومشكلتي قد تبدو بسيطة فأنا لم أتزوج إلى الآن وقد يتبادر إلى ذهنك بأني لست مرغوبة أو لم يتقدم أحد لخطبتي ولكن مشكلتي أني رفضت عدداً كبيراً من الذين تقدموا لي. ومازلت أرفض لقد بدأت أتشكك في نفسي، لماذا أرفض من هو طول أو قصير؟ أبيض أو أسمر؟ لقد أشارت علىّ أفراد عائلتي بأن هناك عمل معمول لي وعليّ أن أذهب إلى شيخ لفك العمل وذهبت إلى الشيخ عسـى أن يفك العمل وأنا على اعتقاد أن المشكلة لها أبعاد أخرى، وكي أكون صادقة معك أفضل أن أقص عليك بعض اللمحات من طفولتي  التي كانت في ظاهرها سعيدة ولكن في باطنها مزيفة. فأنا كنت أعيش مع أسرتي وأنا أكبر أخوتي وأبي رجل فاضل وعظيم فكانت تداهمه حالة غريبة في فترة أول الصيف فيجلس بالبيت في حجرته الخاصة لا يخرج منها لا يتكلم مع أحد حتى الأكل كان يرفضه ولا يذهب للاستحمام وتستمر هذه الحالة شهران حاولنا معه فهو لا يستطيع حتى الكلام ولا الابتسام وقد عرفت بعد ذلك أنه مريض بالاكتئاب وفي بعض الحالات الحادة يستلزم دخوله مستشفى أمراض نفسية لمدة شهر ونصف ثم يعود بعد ذلك إلى الحياة العادية ويبقى في ذاكرتي مشهد يتكرر كثيراً هو بكاء والدتي الشديد دون صوت هي وحدها، وفي داخلها تتحسر على مرض والدي وتنعي حظها للناس! وعندما كبرنا فضلت أمي أن تتحمل عبء هذه الحالة مع والدي بمفردها وأن تنقلنا إلى مدينة الإسكندرية حيث تسكن جدتي هناك حتى لا نعيش هذا الألم في شهور الصيف عقب انتهائنا من العام الدراسي، فبدأت أنسى هذه الحالات الاكتئابية شيئاً فشيئاً ودارت عجلة الحياة كما هي، إلى أن أتى هذا اليوم المشئوم الذي علمنا به ونحن في الإسكندرية بوفاة والدي فجأة دون مرض ودون مقدمات وقد علمنا بعد ذلك أنه انتحر وفارق الحياة لأنه كان يعاني من حالة اكتئاب حادة كانت تستلزم دخوله المستشفي واستمرت حياتنا مع أمي هادئة نعيش في رغد العيش، أخوتي تزوجوا وأنجبوا أطفالاً ولكن أنا لم أتزوج هل أنا مريضة بالاكتئاب مثل والدي؟

الرأي الطبي :

عزيزتي هدئي من روعك فأنت فتاة متوازنة نفسياً بعيدة كل البعد عن مرض الاكتئاب فليس لديك أي أعراض من أعراض الاكتئاب فأنتِ كما فهمت شخصية اجتماعية تحت الناس وتستمتعي بحياتك اليومية والمشكلة الوحيدة هو عدم إقبالك على الزواج وهذا بالرجوع إلي ما قلتي هو خوفك الشديد بأن تصابي بمرض الاكتئاب أو أن ترثي هذا المرض من والدك وأريد أن أطمئنك بأن الاكتئاب ليس مرضاً وراثياً أما ما يورث فيه هو الاستعداد لظهور مرض الاكتئاب ولذلك لا داعي للقلق والخوف الذي يقف حائلاً بين مشاعرك والأشخاص الذي يتقدمون إليك وأود أن أضيف أن الذي يجعلك ترفضين أن تخدعي شخص وتتزوجينه ثم يكتشف بعد ذلك بأنك مريضة .. وهم وهذه ليست الحقيقة يا عزيزتي “قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا” وعليك أن تتخلصي من خوفك من هذا المرض بالمعرفة الوفيرة عن هذا المرض الذي يصيب 5% من أفراد المجتمع أي أن هناك 95% لا يعانون من الاكتئاب وأن الانتحار لا يمثل سوى أقل من 5ر0% من مجموع المرضى وقد أصبح له علاج دوائي ونفسي فلا داعي لهذا الخوف وأخيراً أود أن تفتحي باب قلبك إلى الشخص المناسب الذي سوف يطرق بابك وابدئي خطوة بخطوة وبدون تعدل في معرفة الشخص والتأني في إتمام الزواج وحين تراودك فكرة الخوف من الاكتئاب تذكري بأن الزواج الناجح يقي الشخص ويبعده عن الأمراض النفسية كلها.