عوامل تحدد شخصية طفلك
مهما تحدثوا عن (الإنسان التفصيل) أو (السابق التجهيز) وقالوا أنهم حققوا في ذلك انجازات عن طريق اكتشاف الخريطة الجينية فإنهم سيفشلون لأن الإنسان محصلة مجموعة عوامل كثيرة فطرية ومكتسبة يصعب على العلماء وهم بشر التحكم فيها أو تطويعها . ومع ذلك فإنهم يبشروننا كل يوم بأنهم يحققون انتصارات وتقدما ويتبين بعد ذلك أنها انتصارات وهمية وأنهم عادوا إلى نقطة الصفر.
تقول الدكتورة هبة عيسوي – أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس – في دراسة لها أن المخ هو عضو النشاط النفسي عند الإنسان والطفل حين يولد تكون لديه 20 مليار خلية عصبية، من الممكن أن تنمو أو تضمر، فإذا لم يتم استخدام الخليفة خلال الشهور الأولى من عمر الطفل فإنها تضمر، ولابد من تنميتها منذ اليوم الأول لولادته، وهذه مهمة الأم وألا سيفقد الطفل جزءاً مهما من القدرات المهمة لخلق الشخصية المتميزة.
وأوضحت أن لدي كل طفل قدرات عقلية وأخرى متعلقة بالذكاء، ورغم أن البعض ذهب إلى المساواة بين القدرات العقلية والذكاء، إلا أن هناك محاور للقدرات العقلية هي: المهارات، والقدرة على الإنجاز، والاستعداد، والذكاء هن محصلة كل تلك القدرات .. لكن محور الذكاء ضيق، فلو أن هناك طفلا يتمتع بمستوى الذكاء من
(90-110) وهو متوسط ذكاء الفرد الطبيعي وعنده بالإضافة إلى ذلك قدرة متميزة على الإنجاز، ويكون قد وصل إلى مستوى معين من التميز، يفوق الطفل الذي يتمتع بنسبة ذكاء أعلى من المتوسط، ولا توجد لديه قدرات على الإنجاز.
وأوضحت أن الدماغ عبارة عن صندوق على جزءين، والجزء الذي يمثل المخ من وظائفه القدرات الكلامية أو اللفظية، والإدراك والكتابة واللغة والتعلم والاستدلال المنطقي والوظائف البلاغية ويترجم الدماغ في النصف الثاني هذه المعلومات التي يتلقاها من خلال الإدراك الرقمي، بمعنى أن أي معلومة يتلقاها الدماغ يعطيها النصف الأول كوداً رقميا.
وقالت أن النصف الأيمن من المخ له دور مهم في المحاكاة، والأداء غير اللفظي، والمعلومات البصرية والمكانية، وهو يشبه المسح الضوئي، حيث يصور كل شئ كما هو ويتضافر الجزءان الأيمن والأيسر من المخ لتكوين المهارات المختلفة والقدرات العقلية للفرد.
وأوضحت الدكتورة هبة في دراستها أن الذكاء عبارة عن محصلة الأنشطة الدماغية في المجالات المعرفية والانفعالية والبدنية الناجمة عن التفاعل الناتج عن النمط الوراثي بينه وبين البيئة المحيطة به، فهو بذلك حصيلة للتفاعل بين السمات الموروثة والسمات المكتسبة .. ويتم فحص الذكاء من خلال عدة اختبارات لكن معظمها يندرج تحت القسم اللفظي ” 6 اختبارات ” والقسم العملي “5 اختبارات” ثم يتم جمع درجات الاثنين لتخرج الدرجة الكلية من 90-110.
وقالت أن الشق اللفظي مجموعة اختبارات تقيس القدرة اللغوية والفهم للطفل السوي في نفس العمر، واختبار إعادة الأرقام واختبار المتشابهات .. أما الشق العملي من اختبارات الذكاء فيقيس القدرات العملية مثل اختبار المتاهة وترتيب الصور وتجميع الأشياء ورموز الأرقام، وتحديد نسبة الذكاء يتم بقسمه العمر العقلي على العمر الزمني مضروبا في ” 100″.
وأوضحت أن المهارات التي يجب تنمية قدرات الطفل فيها هي مهارات استيعاب المناهج الدراسية وهي لا ترتبط بالذكاء، لأن هناك كثيراً من الأطفال لديهم ذكاء فوق المتوسط، لكن ليست لديهم مهارة التحصيل الدراسي، وهذا يفسر لماذا لا يكون بعض الأطفال الذين يتمتعون بالذكاء غير متميزين دراسيا.
وقالت إن المقصود بمهارة استيعاب المناهج الدراسية استخلاص المعنى من المفردات ومهارات اللغة مثل القراءة والكتابة، والتفاعل مع المعلومات ومهارات جمع المعلومات والتذكر والتحليل، ومهارة القراءة الصامتة، والاقتباس بالاستعانة بما قرأه من قبل في موضوع جديد، والحساب والمهارات السلوكية.
وأكدت أن عدم وجود أي من هذه المهارات يسبب خللا في التحصيل الدراسي عند الطفل، فمن الممكن أن نجد طفلا لديه مهارة الكتابة لكن لا يتمتع بمهارة الكلام أو يكون لديه المهارتان لكن لا يتمتع بمهارة الاستماع فالنجاح والتميز في الدراسة يحتاج إلى تضافر جميع المهارات. ومن المهارات التي يجب تنمية قدرات الطفل فيها مهارات الأنشطة مثل المهارة الحركية وتشمل الرسم والفن الراقي والموسيقى وممارسة الألعاب الرياضية.
وأرجعت شكوى أولياء الأمور من عدم تفوق أبنائهم في الألعاب الرياضية، أو عدم القدرة على ممارستها لفترات طويلة، إلى أن هناك مهارة حركية من المهم أن ننميها وهي مهارة الألعاب الرياضية، وقد تكون هذه المهارة موجودة عند الطفل أو غير موجودة، وتوجد صعوبة في تنميتها، وهذا لا يعني فشل الطفل في مهارة الألعاب الرياضية، لكنه يفتقد هذه المهارة، ولابد من بذل مجهود مضاعف لتمكين الطفل من ممارسة إحدى الألعاب وهن يحتاج إلى فترات طويلة من التدريب، ولابد من تشجيعه ومساندته.
وأكدت أن الشخصية الاجتماعية تحتاج إلى مهارة التفاعل مع الآخرين، وضبط الانفعالات والتعاون وتعليم الطفل كيف يتخذ القرار وتنمية قدراته على التصرف بمسئولية وأن يكلف ببعض المسئوليات البسيطة ثم نكافئه إذا أنجزها بشكل صحيح، والمهارات الاجتماعية تقاس باختبارات نفسية توضح إذا كان الطفل اجتماعياً أو انطوائيا.
وقالت أن هناك مهارة الاتصال ويندرج تحتها التحدث مع الأصدقاء وتوجيه الأسئلة وهناك مهارة البحث والتفسير ومن المهم تنميتها في الأطفال بالمدارس من خلال تشجيعهم على استخدام القاموس في اللغات وقراءة الخريطة وتمييز الرموز وتفسير الرسوم البيانية وكلها مهارات قابلة للتدريب.
عدو لدود
وقالت أن من القدرات العقلية المهمة لدي الأطفال والتي تحتاج إلى تنمية الإنجاز والاستعداد لأن بعض الأطفال لديهم ذكاء ومهارات لكنهم يفتقدون حوافز الإنجاز، والعدو اللدود لهاتين المهارتين هو النقد اللاذع للطفل الذي يؤدي لإحباطه.
تقبل الفشل
من المهم أن ننمي لدى الطفل الاستعداد لتقبل الفشل، لأن البعض حين يفشل ينسحب ولابد أن يعي أن الفشل ليس نهاية الدنيا، فالفشل له جوانب سلبية وأخرى إيجابية ولابد أن تكون هناك قوة دافعة لتجاوزه.
وأوضحت أن هناك 3 مهارات لتنمية الإدراك عند الأطفال هي: التفكير الإبداعي والتفكير الناقد والتفكير المنطقي فمن المهم تنمية مهارات الطفل لكي يبدع، ويناقش بعض المواقف، وتعويده التفكير الناقد، فمن الصعب أن تعتمد على المسلمات ولابد من إجراء مناقشة وحوار مع الأطفال، مع عدم إعطاء الأوامر وتشجيع الطفل على الاختلاف لكي يتعلم النقد.