سيكولوجية الشائعات : الاسباب- الانواع – الدوافع
ماهية الشائعة:
عرف البورت وبوستمان الشائعة في كتابهما “سيكولوجية الشائعة” بأنها “اصطلاح يطلق على موضوع ما ذي أهمية وينتقل من شخص إلى آخر عن طريق الكلمة الشفهية، دون ان يتطلب ذلك البرهان والدليل”.
ويعرفها جان مازونوف في كتابه “علم النفس الاجتماعي” بقوله: “الشائعة هي ضغط اجتماعي مجهول المصدر يكتنفه عموما الغموض والإبهام ويحظى عادة باهتمام قطاعات عريضة من المجتمع”.
ويعرفها سعيد عبد الرحمن بقوله: “أنها ضغط اجتماعي مجهول المصدر يكتنفه الغموض والإبهام وهي تحظى من قطاعات عريضة أو أفراد عديدين بالاهتمام”.
أخيرا يرى الدكتور محمد عبد القادر حاتم الشائعة” بأنها فكرة خاصة يعمل رجل الدعاية على أن يؤمن بها الناس كما يعمل على أن ينقلها كل شخص إلى الآخر حتى تذيع بين الجماهير جميعها”.
الشائعة إذا ما هي إلا : خبر يحمل في طياته أهمية ويتناقله الأفراد عن طريق الأفواه وقادر على هز الرأي العام في المجتمع وبلورته.
يحدد البورت وبوستمان في كتابهما “سيكولوجية الشائعة” ميزات الشائعة فيقولان: “أن انتشار الشائعة لا بد أن يخضع لشرطين أساسيين هما: الأهمية والغموض”. وهذان الأخيران هما شرطان أساسيان للشائعة حتى تسري في المجتمع، إلا أن شدة سريان الشائعة لا يكون حاصل جمع الأهمية والغموض وانما هي حاصل ضرب الأهمية في الغموض (الأهمية × الغموض). أي أن الغموض وحده لا يكفي لنشر الشائعات ما لم تصحبه أهمية الخبر المتعلق بالشائعة.
لنفرض مثلا أن هناك شائعة سمعناها عن ارتفاع سعر الورد في أوروبا وان هناك أزمة خانقة لزراعة الورد في هذه القارة. والسؤال هنا هل مثل هذه الشائعة يمكن أن تأخذ مكانا ما لدى الرأي العام العربي؟ لا نعتقد ذلك، لان مثل هذه الشائعة سيكتب لها الموت في المهد، لسبب بسيط وهو أن الورد لا يشكل أية أهمية تذكر بالنسبة إلى الفرد العادي في المجتمع العربي.
ولكن لنفرض أن الشائعة كانت تتعلق بالطحين أو السكر أو أية سلعة هامة فهنا نرى ان الأمر يختلف تماما، لان لهذه السلع أهمية كبيرة في حياة الأفراد.
الذي يمكن استنتاجه من كل هذا ان الغموض والأهمية يشكلان سمتين أساسيتين للشائعة. فشدة سريان الشائعة تتوقف على درجة غموضها وأهميتها، كما ان فرصة انتشارها تكبر كلما كان هناك تناسق وانسجام بين مضمونها والوسط والظروف التي ترمى بها.
ثانيا – أسباب ترداد الشائعة:
أ- لا تنمو الشائعة إلا في مجتمع تخيم عليه حالات قلق عامة مرضية بسبب أخطار حقيقية أو وهمية تتهدد جماعة بعينها في مصيرها.
ب- تتكاثر الشائعات وتتكاثف بنسبة انخفاض الأخبار الرسمية والموضوعية عن الوضع القائم. وبالتالي إذا غاب الإعلام كليا اثر حدث مثير ومفاجئ تنشأ الشائعات وتتكاثر وتتفشى بسرعة.
ت- إن انتشار الشائعة في أوساط جماعة معينة مرتبط مباشرة بطبيعة محتواها وأهميته بالنسبة الى مصير أفراد هذه الجماعة.
ث- تنتشر الشائعة بين أفراد الجماعة المعنية بوساطة أقنية غير عادية وبطريقة مغفلة.
ج- عندما تنتشر الشائعة شفهيا تتحول تلقائيا وفق قواعد التبسيط والتضخيم والتوجيه باتجاه المشاعر القوية للجماعة وتكسب من جراء ذلك بنية ذاتية
من عوامل ترديد الشائعات :
يمثل1-حب الظهور 2-والخوف 3-والكره 4-والمرض النفسي عوامل نفسية هامة وراء ترديد الشائعات. كما أن: 5-انعدام المعلومات 6-والحروب 7-والأزمات 8-وعدم الاستقرار السياسي 9-وكذلك الفراغ 10-والعمر 11-والجنس تقف أيضا وراء ترديدها. فقلة المعلومات وانعدامها يخلقان حالة من عدم الثقة بين الحكومة والمواطن تجعل هذا الأخير اكثر عرضة للشائعات من غيره. وهنا يبرز دور أجهزة الإعلام والمسؤولين في الدولة
ففي دراسة قام بها معهد جالوب الأميركي أثناء الحرب العالمية الثانية على عينة طبقية من ألفى فرد اختيرت من عدة مدن أميركية لمعرفة مدى تقبل هؤلاء الأفراد لإحدى الشائعات المعادية ونشرها فوزعت البيانات على الأفراد ومنها الشائعة التي تقول: (فر أخيرا اكثر من 300 مجند أمريكي من قاعدتهم في “فورت ويكس” بنيوجرسي لرفضهم القتال ضد قوات المحور).
وكانت النتائج كما يأتي:
– انتشار الشائعة وترديدها عند الطبقة غير المتعلمة وعند النساء.
– انتشار الشائعة وتصديقها من قبل كبار السن الذين تتجاوز أعمارهم الخامسة والأربعين.
– رفض الشائعة وعدم تصديقها لدى الأفراد المتعلمين والشباب
ما هو البروفيل النفسى لمروجى الاشاعات
– الشائعة وباء اجتماعي وظاهرة مدمرة يجب مقاومتها و القضاء عليهاو تعرف الاشاعة على أنها عبارة عن رواية تتناقلها الافواه دون ان ترتكز على مصدر موثوق يؤكد صحتها
أنواع الشائعات:
1-الصورة الأولى هي الشائعة التي تدور حول موضوع معين. ففي الأحوال العادية يبحث مثلا عن نسبة الشائعات التي تدور حول السياسية والجنس والاقليات الخ .
2-الصورة الثانية هي الشائعة الزاحفة: وهي التي تروج ببطء، وتتناقل من قبل الناس همسا وبطريقة سرية، وتنتهي آخر المطاف ألي أن يعرفها الناس جميعا. وتنمو مثل هذه الشائعات عادة في الأنظمة الاستبدادية والدكتاتورية.
3-الصورة الثالثة (الشائعة العنيفة) وهي التي يكثر حدوثها ووجودها أثناء الحرب والكوارث والأزمات والهزيمة. ان مثل هذه الشائعات تستند عموما الى العواطف الجياشة كالذعر والغضب والخوف.
4-الصورة الرابعة هي الشائعة الغائصة التي تظهر ثم تغوص لتظهر مرة أخرى عندما تتهيأ لها الظروف الملائمة والمساعدة للظهور. ويكثر هذا النوع من الشائعات في القصص المتشابهة التي يعاد تداولها في الظروف المتشابهة. فالعدو الصهيوني حاول ان يعاود نشر العديد من الشائعات في حرب تشرين 1973 ضد المصريين معتمدا على شائعات مماثلة ظهرت في حرب 1967. ولعل قصة اللسان وطابع البريد المشهورة تلقي المزيد من الضوء على هذا النوع من الشائعات وتتلخص القصة:
5-الصورة الخامسة: (الشائعة الوهمية) التي تنتج عن الخوف لا عن الرغبة.
6-الصورة السادسة (الشائعة الحالمة) التي تقف وراء حلم يراود بعض الأفراد. فالأفراد الذين يرددون أن الدولة ستقوم بإنشاء وحدات سكنية توزعها مجانا او بأسعار رمزية على الشباب الذي يود الزواج. يحاولون أن يجعلوا من أحلامهم شائعة وردية اللون تصل الى مسامع الأطراف المسؤولة.
أخيرا هناك شائعة “الكراهية” التي تنتشر من جراء الشعور بالكراهية لنظام او لحزب سياسي معين الخ. وأسباب هذا النوع من الشائعات هو الصراع السياسي بين الكتل والأحزاب.
أهداف الشائعة وأغراضها:
أ- أنها تقوم مقام المعرفة الحقيقية وهذا يحدث في حال غياب المعرفة.
ب- أنها تكشف عن الاستعدادات الكامنة لدى الجماعة، وتعبر عن الحالة العاطفية والانفعالية لدى السكان أو حيث تتفشى.
ج- أنها تفسر ما يجري في مجتمع محدد وفي فترة زمنية معينة. هذا على مستوى مغزى الشائعة ومن هنا يمكن أن ينتج عنها ما يخفف التوتر او ما يزيد من حالة عدم الاطمئنان.
د- كثيرا ما تساعد الشائعة على شرح الأخبار الجديدة وبالتالي على سبر أغوارها.
هـ – أنها تؤثر في سلوكية المعنيين وكثيرا ما توجه الأعمال عينها.
تؤدي الشائعات دورا هاما في تعبئة الرأي العام، كما أنها تعد مقياسا لدرجة وجوده ونضجه. وللشائعة دور في تكوين الرأي العام والتأثير فيه أحيانا.
استخدمت الشائعة لإخفاء عمل عسكري ما. وهذا النوع من الشائعات نراه في اغلب التحركات العسكرية لأية دولة قبل الحرب وأثناءها ، من قبل دولة معينة الغرض منه تمويه التحرك الحقيقي وإخفاؤه. فتحرك القوات العربية قبل حرب تشرين 1973 وما أطلق من شائعات للتمويه يدخل في هذا الإطار.
هناك دوافع متعددة تكمن وراء نشر الأفراد للشائعة، ومن هذه الدوافع:
1/ جذب الانتباه: حين يتكلم شخص و يلقى شائعة يلتفت الية الناس و يشعر بمكانة حتى ولو كانت وهمية فهو يتباهى بمعرفة ما لا يعرفة الاخرين.
2/ يقوم بعملية اسقاط :
حيث يشعر الفرد عندما يقوم بنقل الشائعة أنها تبعده عن المخاوف و نجده يسيطر عليها وتتسم هذه الشائعة بالطابع العدائي وتتسم بالغموض وعدم الوضوح ومثال على ذلك الشائعات التي ظهرت أثناء الحرب العالمية الثانية والذي اتسم بطابعه العدائي ضد اليهود ومكتب التسعيرة و الزنوج ورجال البحرية .
3/ العــدوان: فيقوم الشخص في موقف من المواقف ونتيجة لعلاقات معينة بينه وبين شخص أخر بنشر شائعة ضد هذا الشخص وذلك قصد إيقاع الأذى بسمعة الشخص الأخر.
4/ بعث الثقـة و الاطمئنان في النفس:وفي ذلك يقوم ناشر الشائعة بترديدها بهدف إشراك غيره في مقاسمته حمل العبء في اكتساب عطف الآخرين.
5/ تقديــم المعروف و الجميـل:كذلك قد تنقل الشائعة من شخص إلى آخر بهدف تقديم المجاملة الودية لو لعمل جميل إلى السامع.
6/ الميل إلى التوقـع أو الاستباق:إذ تبلغ الشائعة ذروتها عندما يكون المرء متوقعا شيئا خطيرا بعد طول انتظار.(منققققققققول)