العنف المعنوي ضد المرأة .. جريمة
عندما يضرر رجل زوجته فإن آثار هذا “الفعل” تظهر للجميع، ويحق لها أن تطلب الطلاق منه للضرر .. ولكن ماذا لو “أهانها” أن استعمل “العنف المعنوي” معها؟ كيف لها أن تثبت هذا الضرر مع أنه أعمق ولو كان بكلمة أو حتى إشارة؟ ..
وكيف عالج الإسلام هذه القضية من كل جوانبها فنصف المرأة وأعاد لها حقها!
لقد تعامل القرآن الكريم مع الرجل والمرأة على قدم المساواة حينما وصفهما بالإنسان وجعل للمرأة مكانة عالمية تستوجب الحب والاحترام والحماية والمودة، فهي الأم والابنة والزوجة والأخت وكل صور العلاقة الحميمة، لذا فقد أوصى القرآن الكريم، وكذلك الحديث النبوي الشريف بالمرأة وحذر من الإضرار بها ولو بكلمة .. وجعل الإسلام للمرأة حق طلب الخلع لو شعرت بمجرد ضرر معنوي وليس فقط بحدوث عنف جسدي أو معنوي ومع ذلك فإن البعض يثير شبهة ضد الإسلام بالإدعاء بأن القرآن الكريم يأمر الزوج بضرب زوجته إذا لم تطعه .. فما حقيقة هذا الأمر؟
آثار صحية خطيرة
ما هي آثار العنف المعنوي ضد المرأة على صحتها البدنية والنفسية؟ يقول الدكتور أيمن صالح أستاذ أمراض القلب والأوعية الدموية بكلية الطب جامعة عين شمس أن العنف المعنوي أو ا لضغوط المعنوية لها آثار سلبية على صحة المرأة قد تظهر في صورة تقلصات بعضلات الصدر أو المرئ تشبه ألم قصور الدورة التاجية وقد يصيبها بصداع نتيجة تقلصات عضلات الرأس ويكون هذا مصحوباً بارتفاع مؤقت بضغط الدم فيبدأ علاج الضغط بلا أي مبرر لذلك .. وقد تأتي بعض السيدات غير المتعلمات
أو اللاتي لم يتعودن الشكوى من الضيق النفسي والضغط المعنوي يشكين من ألم بالصدر أو ضيق بالتنفس لأن الشكوى العضوية أكثر قبولاً اجتماعياً في شرائح اجتماعية معينة وقد يترتب على هذا أجراء فحوصات لا لزوم لها، كما أن استمرار هذه الضغوط يؤدي إلى تغيرات مزمنة بفسيولوجية الجسم من هرمونات وشرايين مما يؤدي حدوث مرض عضوي حقيقي بالشرايين والقلب على المدى البعيد.
ويقول الدكتور جمال أبو النصر أستاذ القلب بمعهد القلب ونائب مدير المعهد أن القهر المعنوي أحد الأسباب للإصابة بالضغوط العصبية وتزداد الخطورة مع وجود عوامل خطيرة أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم، وزيادة نسبة الدهون وزيادة نسبة السكر فيزيد معل إصابة المرأة بأمراض الشرايين التاجية، ويوضح د. جمال أبو النصر أنه بالرغم من أن المرأة العاملة يمكن أن يكون تعرضها للقهر المعنوي في المنزل أقل نسبيا إلا أنها قد تتعرض لضغوط عصبية كثيرة مرتبطة بالعمل مع بذلها الجهد المضاعف في المنزل والعمل معاً مما يزيد من معدل الإصابة بأمراض الشرايين التاجية.
وتحذر الدكتورة هبة عيسوي أستاذة الطب النفي في كلية الطب جامعة عين شمس من خطورة العنف المعنوي لأن العنف الجسدي الذي قد تتعرض له المرأة تظهر آثاره على جسدها فتجد مساندة نفسية من أهلها أو جيرانها بتخفيفهم عنها وطأة هذا الأذى الذي ألم بها .. ولكن المشكلة أن العنف هو نوع من الأذى النفسي الذي قد تتعرض له الزوجة أو الأخت من أخيها ويسبب لها إحساسا بالقهر والدونية ويجعلها تشعر بعدم الكفاءة فتضطرب صحتها النفسية فتظهر الأعراض النفسية والاضطرابات ومنها حالات الأمراض السيكومائية مثل القولون العصبي والصداع النصفي وارتفاع ضغط الدم والقئ المستمر وآلام بالجسم وكل هذه الأعراض لا تدل على وجود مرض عضوي، ولكن الجسم هو الذي يعبر عن الألم وليس اللسان لذلك من تتعرض للعنف المعنوي لا تتكلم ولا تشتكي وإنما تشعر بأعراض عضوية سببها نفسي، وتظهر أيضاً عليها أعراض القلق والهلع مثل الخوف من الموت مع سرعة ضربات القلب مع عرق شديد يصاحبه برودة في الجسم تستمر لمدة دقائق.
وتقول أن مظاهر القهر تسخيف الزوج لآراء زوجته أمام الآخرين واتهامها بالتقصير وإجبارها على الاعتذار المتكرر له عن أخطاء لم ترتكبها بالرغم من عدم اقتناعها بأنها مخطئة ولكنها تعلم أن المناقشة والمجادلة لن تجدي ويتوقع الزوج أن المشكلة قد انتهت عند هذا الحد وهنا نختلف معه ولكن تكرار ذلك يخلق نوعاً من الضغينة فتبدأ المرأة بالإحساس بعدم الرضا عن حياتها لأنها تجعل من نفسها كائناً هلامياً ولكنها تضع كثيراً من الأعذار لاستمرار حياتها الزوجية لرعاية الأطفال ولأن قهر الزوجة يخلق نوعاً من الشراسة السلبية وقد يجعلها تمارس العنف على أولادها لا يدرك الزوجان أن ذلك يحدث نوعاً من الخلل النفسي لدي الزوجة ولدي أبنائها.